أيمن عقيل.. سمات الأسرة الآمنه والمستأمنة فى مؤتمر مجلس الأسرة العربية للتنمية الأول.
تناول رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان والمحامى بمحكمة النقض الأستاذ أيمن عقيل فى كلمته عدة تعريفات هامة ودقيقة المتعلقة بالمعقوقات الطارئة على الأسرة العربية وكيفية التعامل معها من فهم أسبابها ووضع إستراتيجية عربية للحلول وللحصول على نتائج سريعة بالمؤتمر الأول لمجلس الأسرة العربية للتنمية التابع للمجلس العربي للتنمية المستدامة والبيئة برئاسة الدكتور أشرف عبد العزيز بمناسبة اليوم العالمي للأسرة
قال عقيل مما لا شك أن الأسرة هي نواة المجتمع كله، وأساس نشأة الدولة، فمن الأسرة مرورا بالعشيرة ثم القبيلة ثم القرى والمدن، تتشكل الدول في النهاية. وهو ما يعني أن الأسرة الواعية تؤدي في النهاية لمجتمع واعي. وفي ظل تحديات المنطقة العربية نسأل سؤالاً شرعيا، حول ماهية الأسرة، هل هي الأسرة الآمنة في دولتها؟ أم أسرة مستأمنة وهي مهاجرة أو لاجئة في دول أخرى؟ وهل تتوقف حدود الأسرة على حدود الدولة أم أن هناك مؤثرات ومحددات خارجية لطبيعة الأسرة تؤثر فيها وتتأثر بها؟
في سياق هذه الورقة، نحاول التركيز على إجابة هذه الأسئلة بشكل مباشر وضمنيا، مع التركيز على تعريف المنظمات الدولية الحكومية والتقاطعات بين ولاية المنظمات الدولية الحكومية والأسرة وآليات المنظمات الدولية الحكومية وتأثيراتها على الأسرة والآليات الدولية لحقوق الإنسان المعنية بالأسرة وتحديات الحق في الحياة الأسرية ورؤية المجتمع المدني للنهوض بملف الأسرة، وتقدم رؤية لما يجب فعله للنهوض بأوضاع الأسرة العربية.
المحور الأول: تعريف المنظمات الدولية الحكومية وتقاطع ولايتها مع الأسرة
تظهر المنظمات الدولية الحكومية بموجب اتفاقيات دولية بين أطراف النظام الدولي، حددت شكلها وولايتها دولياً بغية التعامل مع المسائل والقضايا الدولية بما في ذلك التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، والتجارة والصحة، غير ذلك، والتي بدورها تتداخل وتتقاطع بصلة أو بأخرى مع الأسرة باعتبارها النواة الطبيعة لأي مجتمع أو تجمع بشري، وفي هذا السياق، يتناول هذا المحور ما يلي:تحديات النهوض بالأسرة في المنطقة العربية:
تراجع مستويات التعليم وتزايد التسرب خارج المدرسة
تتضافر متغيرات المنطقة العربية السياسية والأمنية والاقتصادية والمناخية وتساهم بدورها في ضعف وتدهور الحق في التعليم ولاسيما عبر بوابة ترسب الأطفال؛ حيث تشير الوقائع العربية إلى وجود أكثر من 15 مليون طفل وطفلة خارج المدرسة بجانب 6.2 مليون طفل في التعليم الأساسي معرضين لخطر التسرب. وهذا يعني بالطبع تفكك أحد أبرز مدخلات الأسرة الصحيحة وهو الطفل الذي يتوقع أن تتغير نمط معيشته وحياته بالكامل في ظل الأمية.
ارتفاع معدلات الفقر
تتزايد معدلات الفقر في المنطقة العربية وتلقي بتأثيراتها على الأسرة في المنطقة العربية؛ فقد أفادت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) بارتفاع مستويات الفقر في المنطقة العربية في عام 2022 مقارنة بالسنوات الماضية ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخص، أي ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، وذلك وفقا لخطوط الفقر الوطنية. وهذه المستويات متوقع أن تستمر في الارتفاع خلال العامين المقبلين لتصل إلى 36% في عام 2024، ناهيك عن ارتفاع التضخم في المنطقة ليصل إلى 14% في عام 2022، وتسجيل أعلى معدّل بطالة عالميا في عام 2022 بنسبة 12%.
تأثر الأسر ولا سيما الأطفال بالنزاعات:
ما زالت معدلات العنف ضد الأطفال منتشرة في المنطقة العربية، فهناك أكثر من 61 مليون طفل وطفلة يعيشون في بلدان متضررة من الحرب في منطقة الشرق الأوسط من أصل العدد الإجمالي للأطفال فيها البالغ 166 مليون طفل وطفلة. وهذا يعني أن أكثر من ثلث الأطفال في المنطقة يتضررون من النزاعات وأعمال العنف المتواصلة. أي أن طفل واحد من كل ثلاثة أطفال يعاني من هذا الوضع.
العنف المنزلي:
هناك انتشار واسع للعنف المنزلي في المنطقة حيث تتراوح معدلاته بين 82% إلى 88% بالمتوسط. ويعاني أو يتأثر أكثر من 46 مليون طفل دون سنّ الخامسة (ما متوسطه 88%) من بعض أشكال العنف في المنطقة العربية
زواج القاصرات
يُعد زواج الأطفال انتهاكاً لحقوق الإنسان ويقارب معدل زواج الأطفال في المنطقة العربية المعدل العالمي، حيث يتم زواج واحدة من بين كل خمس نساء صغيرات السن في المنطقة قبل سن الثامنة عشر، ويتم زواج طفلة من بين كل 25 قبل عيد ميلادها الخامس عشر. وهذا يعني، أن الإقليم يُعتبر الآن موطنا لما يقارب 40 مليون طفلة عروس، بما في ذلك الطفلات المتزوجات الآن والنساء اللاتي تزوجن وهن طفلات. وحسب قواعد بيانات اليونيسيف، فإن 17 % من النساء في عمر يتراوح بين 20- 24 في مصر، و13 % في المغرب، و28 % في العراق، و8 % في الأردن، و6 % في لبنان، و3 % في الجزائر، تزوجن أو أصبحن شريكات حياة قبل سن الثامنة عشر.
معضلة الجوع والأمن الغذائي
ارتفعت مستويات الجوع وسوء التغذية في المنطقة العربية إلى مستويات حرجة لتقلقي بظلالها على الأسرة في المنطقة العربية؛ حيث يقدر بنحو 53.9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة العربية عام 2021 بزيادة 55% منذ 2010 و5 ملايين عن العام السابق (2020)، بجانب تأثير انعدام الأمن الغذائي المعتدل على أكثر من 154.3 مليون شخص في 2021.
توصيات: كيف يمكن النهوض بالأسرة العربية؟
تتقاطع وقائع الأسرة العربية ومتطلباتها لتحقيق التنمية المستدامة وتفعيل حقوق الإنسان وفي هذا السياق، توصي مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان من خلال العمل على:
التعاون والتواصل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ولا سيما لجنة حقوق الإنسان، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولجنة مكافحة أشكال التمييز ضد المرأة، ولجنة وضع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ولجنة حقوق الطفل، وذلك بما يتناسب مع العادات والتقاليد الخاصة بالأسرة العربية وبما يشكل إضافة للنهوض بالأسر العربية وليس زيادة أعبائها أو التغيير في ديمغرافيتها.
توفيق التشريعات: يجب إعداد الدراسات والبحوث المعنية بالتوفيق بين الأطر والمواثيق الحقوقية الدولية وبين القيم والهوية الثقافية للمنطقة العربية من خلال رصد وتحليل وتحديات الأسرة العربية وتقييم تأثيرات المواثيق الدولية والإقليمية عليها، وبيان مضامينها الخاطئة وإعداد دراسات نقدية للتشريعات والسياسات المعنية بالأسرة.
الإنذار المبكر: يمكن تدشين أنظمة رصد وإنذار مبكر من شأنها مراقبة ومتابعة الأسرة ومتغيراتها وخصائصها وتحدياته واحتياجاتها ووضع أنظمة لجمع البيانات والتحليلات و التقييمات المعنية بالأسرة وخصائصها وإجراء البحوث والدراسات التنموية للأسرة.
برامج بناء القدرات والتثقيف الأسري: يمكن تدشين برامج تثقيفية توعوية معنية نشر الوعي الأسري وأهمية الأسرة وأشكالها وتدعيم قيمها الأخلاقية والثقافية الأصيلة وأهمية الزواج والتي من شأنها استئصال حالات الانفصال والتفكك الأسري وإدارة وحل المشكلات وتعزيز قدراتها على الانفتاح الصحي والسليم والحذر مع الهويات الثقافية الغربية.
الحشد والمناصرة من النهوض بالأسرة العربية: يمكن للمجتمع المدني بتفعيل آلياته وأنشطته من أجل تشجيع الحكومات على إصلاح البنية التشريعية المعنية بالأسرة وقضاياها وحقوقها وتعزيز قدرات بنيتها المؤسسية، بجانب تقديم الدعم الاستشاري والتقني للحكومات في صياغة وتطوير الاستراتيجيات المعنية بالنهوض بالأسرة العربية وإطلاق نداءات حشد وتشجيع للشركاء الإنمائيين على عقد شراكات إنمائية لتفعيل الاستجابة للأسرة العربية.
توفير برامج التمكين الاجتماعي: يمكن للمجتمع المدني تقديم الدعم التقني والاستشاري في اتخاذ السياسات والإجراءات اللازمة لصحة الأسرة بما في ذلك صحة الأطفال والمراهقين والمرأة وبرامج الخدمات الصحية والوقائية والعلاجية
توفير برامج الدعم النفسي: يمكن تقديم برامج الدعم النفسي والفني لمشكلات الأسرة مثل تأخر سن الزواج ومخاطر ختان الإناث والزواج المبكر وتدشين برامج مكافحة العنف الأسري في المنطقة العربية وتدشين برامج لعلاج الزواج المبكر
دعم وتفعيل حقوق الأسر وخاصة النازحة واللاجئة عن طريق إطلاق نداءات عاجلة من أجل تفعيل الاستجابة الإنسانية وتسهيل إجراءات لم الشمل وتشجيع الحكومات على التوسع في إنشاء البرامج المخصصة للأطفال الغير مصحوبين والمنفصلين عن ذويهم لدعم الأطفال اللاجئين والمهاجرين في دول المقصد.
التنسيق والتعاون مع الحكومات والشركاء الإنمائيين في تحديد الأسر والفئات المعرضة للخطر وغير القادرة على الوصول لاحتياجاتها الإنسانية والأساسية، بجانب صياغة السياسات والحشد والمناصرة من أجل الاستجابة لها.
10. تشجيع الحكومات على تسهيل إجراءات اعتماد تدابير تمكن الوالدين من التوفيق بين مسؤوليات الأسرة والعمل، وسياسات الإسكان والتعليم والدعم الاجتماعي بما في ذلك التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وإجازة الأبوة والأمومة مدفوعة الأجر، وجداول العمل المرنة، ومراكز الرعاية النهارية. واعتماد تدابير داعمة خاصة لصالح الأسر التي تتألف من أفراد الأسرة ذوي الإعاقة، بما في ذلك، في جملة أمور، الحصول على خدمات الصحة والتعليم والتدريب المهني وفرص العمل.